فصل: تفسير الآية رقم (41)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الجلالين ***


تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّكَ‏}‏ خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ‏}‏ ستموت ويموتون فلا شماتة بالموت، نزلت لما استبطأوا موته صلى الله عليه وسلم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏ثُمَّ إِنَّكُمْ‏}‏ أيها الناس فيما بينكم من المظالم ‏{‏يَوْمَ القيامة عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏فَمَنْ‏}‏ أي لا أحد ‏{‏أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى الله‏}‏ بنسبة الشريك والولد إليه ‏{‏وَكَذَّبَ بالصدق‏}‏ بالقرآن ‏{‏إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى‏}‏ مأوى ‏{‏للكافرين‏}‏ بلى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏والذى جَآءَ بالصدق‏}‏ هو النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَصَدَّقَ بِهِ‏}‏ هم المؤمنون، فالذي بمعنى الذين ‏{‏أولئك هُمُ المتقون‏}‏ الشرك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏لَهُمْ مَّايَشَآءونَ عِندَ رَبّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ المحسنين‏}‏ لأنفسهم بإيمانهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏لِيُكَفّرَ الله عَنْهُمْ أَسْوَأَ الذى عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الذى كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏}‏ أسوأ وأحسن بمعنى السّيء والحسن‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏أَلَيْسَ الله بِكَافٍ عَبْدَهُ‏}‏ أي النبي‏؟‏ بلى ‏{‏وَيُخَوّفُونَكَ‏}‏ الخطاب له ‏{‏بالذين مِن دُونِهِ‏}‏ أي الأصنام، أي تقتله أو تخبله ‏{‏وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَن يَهْدِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ الله بِعَزِيزٍ‏}‏ غالب على أمره ‏{‏ذِى انتقام‏}‏ من أعدائه‏؟‏ بلى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَئِنِ‏}‏ لام قسم ‏{‏سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله قُلْ أَفَرَايْتُم مَّا تَدْعُونَ‏}‏ تعبدون ‏{‏مِّن دُونِ الله‏}‏ أي الأصنام ‏{‏إِنْ أَرَادَنِىَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشفات ضُرّهِ‏}‏ لا ‏{‏أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ ممسكات رَحْمَتِهِ‏}‏ لا، وفي قراءة بالإِضافة فيها ‏{‏قُلْ حَسْبِىَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ المتوكلون‏}‏ يثق الواثقون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏قُلْ ياقوم اعملوا على مَكَانَتِكُمْ‏}‏ حالتكم ‏{‏إِنّى عامل‏}‏ على حالتي ‏{‏فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏مِنْ‏}‏ موصولة مفعول العلم ‏{‏يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ‏}‏ ينزّل ‏{‏عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ‏}‏ دائم هو عذاب النار، وقد أخزاهم الله ببدر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب لِلنَّاسِ بالحق‏}‏ متعلق ب «أنزل» ‏{‏فَمَنِ اهتدى فَلِنَفْسِهِ‏}‏ اهتداؤه ‏{‏وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ‏}‏ فتجبرهم على الهدى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا‏}‏ يتوفى ‏{‏التى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا‏}‏ أي يتوفاها وقت النوم ‏{‏فَيُمْسِكُ التى قضى عَلَيْهَا الموت وَيُرْسِلُ الأخرى إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى‏}‏ أي وقت موتها والمرسلة نفس التمييز تبقى بدونها نفس الحياة بخلاف العكس ‏{‏إِنَّ فِى ذَلِكَ‏}‏ المذكور ‏{‏لأيات‏}‏ دلالات ‏{‏لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ‏}‏ فيعلمون أن القادر على ذلك، قادر على البعث، وقريش لم يتفكروا في ذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏أَمْ‏}‏ بل ‏{‏اتخذوا مِن دُونِ الله‏}‏ أي الأصنام آلهة ‏{‏شُفَعَاءَ‏}‏ عند الله بزعمهم‏؟‏ ‏{‏قُلْ‏}‏ لهم ‏{‏أَ‏}‏ يشفعون ‏{‏وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً‏}‏ من الشفاعة وغيرها ‏{‏وَلاَ يَعْقِلُونَ‏}‏ أنكم تعبدونهم ولا غير ذلك‏؟‏ لا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏قُل لِلَّهِ الشفاعة جَمِيعاً‏}‏ أي هو مختص بها فلا يشفع أحد إلا بإذنه ‏{‏لَّهُ مُلْكُ السموات والأرض ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ‏}‏ أي دون آلهتهم ‏{‏اشمأزت‏}‏ نفرت وانقبضت ‏{‏قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالاخرة وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ‏}‏ أي الأصنام ‏{‏إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ‏(‏46‏)‏‏}‏

‏{‏قُلِ اللهم‏}‏ بمعنى يا الله ‏{‏فَاطِرَ السموات والارض‏}‏ مبدعهما ‏{‏عالم الغيب والشهادة‏}‏ ما غاب وما شوهد ‏{‏أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِى مَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ‏}‏ من أمر الدين‏:‏ اهدني لما اختلفوا فيه من الحق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا فِى الارض جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ مِن سُوء العذاب يَوْمَ القيامة وَبَدَا‏}‏ ظهر ‏{‏لَهُمْ مّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ‏}‏ يظنون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏وَبَدَا لَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَحَاقَ‏}‏ نزل ‏{‏بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ‏}‏ أي العذاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏فَإِذَا مَسَّ الإنسان‏}‏ الجنس ‏{‏ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خولناه‏}‏ أعطيناه ‏{‏نِعْمَةً‏}‏ إنعاماً ‏{‏مّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ على عِلْمٍ‏}‏ من الله بأني له أهل ‏{‏بَلْ هِىَ‏}‏ أي القولة ‏{‏فِتْنَةٌ‏}‏ بلية يبتلى بها العبد ‏{‏ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ‏}‏ أن التخويل استدراج وامتحان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏قَدْ قَالَهَا الذين مِن قَبْلِهِمْ‏}‏ من الأمم كقارون وقومه الراضين بها ‏{‏فَمَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَصَابَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ‏}‏ أي جزاؤها ‏{‏والذين ظَلَمُواْ مِنْ هؤلاء‏}‏ أي قريش ‏{‏سَيُصِيبُهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ‏}‏ بفائتين عذابنا فقحطوا سبعَ سنين ثم وسع عَليهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏أَوَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏أَوَ لَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق‏}‏ يوسِّعه ‏{‏لِمَن يَشَاءُ‏}‏ امتحاناً ‏{‏وَيَقْدِرُ‏}‏ يضيقه لمن يشاء ابتلاء ‏{‏إِنَّ فِى ذلك لأيات لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ‏}‏ به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏قُلْ ياعبادى * الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ‏}‏ بكسر النون وفتحها، وقرئ بضمها تيأسوا ‏{‏مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعاً‏}‏ لمن تاب من الشرك ‏{‏إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَنِيبُواْ‏}‏ ارجعوا ‏{‏إلى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ‏}‏ أخلصوا العمل ‏{‏لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ‏}‏ بمنعه إِن لم تتوبوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏واتبعوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبِّكُمْ‏}‏ هو القرآن ‏{‏مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ‏}‏ قبل إتيانه بوقته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ‏(‏56‏)‏‏}‏

فبادروا قبل وَإِن ‏{‏أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحسرتى‏}‏ أصله يا حسرتي أي ندامتي ‏{‏على مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ الله‏}‏ أي طاعته ‏{‏وَإِنْ‏}‏ مخففة من الثقيلة أي وإني ‏{‏كُنتُ لَمِنَ الساخرين‏}‏ بدينه وكتابه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏57‏]‏

‏{‏أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ‏(‏57‏)‏‏}‏

‏{‏أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ الله هَدَانِى‏}‏ بالطاعة فاهتديت ‏{‏لَكُنتُ مِنَ المتقين‏}‏ عذابه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العذاب لَوْ أَنَّ لِى كَرَّةً‏}‏ رجعة إلى الدنيا ‏{‏فَأَكُونَ مِنَ المحسنين‏}‏ المؤمنين، فيقال له من قِبَل الله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏بلى قَدْ جَاءَتْكَ ءاياتى‏}‏ القرآن وهو سبب الهداية ‏{‏فَكَذَّبْتَ بِهَا واستكبرت‏}‏ تكبّرت عن الإِيمان بها ‏{‏وَكُنتَ مِنَ الكافرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله‏}‏ بنسبة الشريك والولد إليه ‏{‏وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى‏}‏ مأوى ‏{‏لّلْمُتَكَبّرِينَ‏}‏ عن الإِيمان‏؟‏ بلى‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏وَيُنَجّى الله‏}‏ من جهنم ‏{‏الذين اتقوا‏}‏ الشرك ‏{‏بِمَفَازَتِهِمْ‏}‏ أي بمكان فوزهم من الجنة بأن يجعلوا فيه ‏{‏لاَ يَمَسُّهُمُ السوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏الله خالق كُلِّ شَئ وَهُوَ على كُلِّ شَئ وَكِيلٌ‏}‏ متصرف فيه كيف يشاء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض‏}‏ أي مفاتيح خزائنهما من المطر والنبات وغيرهما ‏{‏والذين كَفَرُواْ بئايات الله‏}‏ القرآن ‏{‏أولئك هُمُ الخاسرون‏}‏ متصل بقوله ‏{‏وَيُنَجّى الله الذين اتقوا‏}‏ الخ وما بينهما اعتراض‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏64‏]‏

‏{‏قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ‏(‏64‏)‏‏}‏

‏{‏قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون‏}‏‏؟‏ غير منصوب بأعبد المعمول لتأمروني بنون واحدة وبنونين بإدغام وفك بتقدير «أن»‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ‏}‏ والله ‏{‏لَئِنْ أَشْرَكْتَ‏}‏ يا محمد فرضاً ‏{‏لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏66‏]‏

‏{‏بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ‏(‏66‏)‏‏}‏

‏{‏بَلِ الله‏}‏ وحده ‏{‏فاعبد وَكُن مّنَ الشاكرين‏}‏ إنعامه عليك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ‏}‏ ما عرفوه حق معرفته، أو ما عظموه حق عظمته حين أشركوا به غيره ‏{‏والأرض جَمِيعاً‏}‏ حال‏:‏ أي السبع ‏{‏قَبْضَتُهُ‏}‏ أي مقبوضة له‏:‏ أي في ملكه وتصرفه ‏{‏يَوْمَ القيامة والسماوات مطويات‏}‏ مجموعات ‏{‏بِيَمِينِهِ‏}‏ بقدرته ‏{‏سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ معه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏وَنُفِخَ فِى الصور‏}‏ النفخة الأولى ‏{‏فَصَعِقَ‏}‏ مات ‏{‏مَن فِى السموات وَمَن فِى الأرض إِلاَّ مَن شَاءَ الله‏}‏ من الحور والولدان وغيرهما ‏{‏ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ‏}‏ أي جميع الخلائق الموتى ‏{‏قِيَامٌ يَنظُرُونَ‏}‏ ينتظرون ما يفعل بهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَشْرَقَتِ الأرض‏}‏ أضاءت ‏{‏بِنُورِ رَبّهَا‏}‏ حين يتجلى لفصل القضاء ‏{‏وَوُضِعَ الكتاب‏}‏ كتاب الأعمال للحساب ‏{‏وَجِاْئ بالنبيين والشهداء‏}‏ أي بمحمد صلى الله عليه وسلم وأمته يشهدون للرسل بالبلاغ ‏{‏وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بالحق‏}‏ أي العدل ‏{‏وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ‏}‏ شيئاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏70‏]‏

‏{‏وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ ‏(‏70‏)‏‏}‏

‏{‏وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ‏}‏ أي جزاءه ‏{‏وَهُوَ أَعْلَمُ‏}‏ أي عالم ‏{‏بِمَا يَفْعَلُونَ‏}‏ فلا يحتاج إلى شاهد‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ‏}‏ بعنف ‏{‏إلى جَهَنَّمَ زُمَراً‏}‏ جماعات متفرّقة ‏{‏حتى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أبوابها‏}‏ جواب إذا ‏{‏وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايات رَبّكُمْ‏}‏ القرآن وغيره ‏{‏وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هذا قَالُواْ بلى ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب‏}‏ أي ‏(‏لأملأن جهنم‏)‏ الآية ‏{‏عَلَى الكافرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏72‏]‏

‏{‏قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ‏(‏72‏)‏‏}‏

‏{‏قِيلَ ادخلوا أبواب جَهَنَّمَ خالدين فِيهَا‏}‏ مقدِّرين الخلود ‏{‏فَبِئْسَ مَثْوَى‏}‏ مأوى ‏{‏المتكبرين‏}‏ جهنم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ‏}‏ بلطف ‏{‏إِلَى الجنة زُمَراً حتى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أبوابها‏}‏ الواو فيه للحال بتقدير قد ‏{‏وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سلام عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ‏}‏ حال ‏{‏فادخلوها خالدين‏}‏ مقدّرين الخلود فيها، وجواب إذا مقدّر أي دخلوها، وسَوْقهم وفتح الأبواب قبل مجيئهم تكريم لهم، وسوق الكفار وفتح أبواب جهنم عند مجيئهم ليبقى حرّها إليهم إهانة لهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏74‏]‏

‏{‏وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالُواْ‏}‏ عطف على دخولها المقدّر ‏{‏الحمد للَّهِ الذى صَدَقَنَا وَعْدَهُ‏}‏ بالجنة ‏{‏وَأَوْرَثَنَا الأرض‏}‏ أي أرض الجنة ‏{‏نَتَبَوَّأُ‏}‏ ننزل ‏{‏مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاءُ‏}‏ لأنها كلها لا يختار فيها مكان على مكان ‏{‏فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين‏}‏ الجنة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏75‏]‏

‏{‏وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏(‏75‏)‏‏}‏

‏{‏وَتَرَى الملائكة حَافّينَ‏}‏ حال ‏{‏مِنْ حَوْلِ العرش‏}‏ من كل جانب منه ‏{‏يُسَبِّحُونَ‏}‏ حال من ضمير حافين ‏{‏بِحَمْدِ رَبّهِمْ‏}‏ ملابسين للحمد أي يقولون‏:‏ سبحان الله وبحمده ‏{‏وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ‏}‏ بين جميع الخلائق ‏{‏بالحق‏}‏ أي العدل فيدخل المؤمنون الجنة والكافرون النار ‏{‏وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين‏}‏ ختم استقرار الفريقين بالحمد من الملائكة‏.‏

سورة غافر

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏حم ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏حم‏}‏ الله أعلم بمراده به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏تَنزِيلُ الكتاب‏}‏ القرآن مبتدأ ‏{‏مِنَ الله‏}‏ خبره ‏{‏العزيز‏}‏ في ملكه ‏{‏العليم‏}‏ بخلقه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏غَافِرِ الذنب‏}‏ للمؤمنين ‏{‏وَقَابِلِ التوب‏}‏ لهم، مصدر ‏{‏شَدِيدِ العقاب‏}‏ للكافرين‏:‏ أي مشدّدة ‏{‏ذِى الطول‏}‏ أي الإِنعام الواسع، وهو موصوف على الدوام بكل من هذه الصفات فإضافة المشتق منها للتعريف كالأخيرة ‏{‏لاَ إله إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ المصير‏}‏ المرجع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏مَا يجادل فِى ءايات الله‏}‏ القرآن ‏{‏إِلاَّ الذين كَفَرُواْ‏}‏ من أهل مكة ‏{‏فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى البلاد‏}‏ للمعاش سالمين، فإن عاقبتهم النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ والأحزاب‏}‏ كعاد وثمود وغيرهما ‏{‏مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ‏}‏ يقتلوه ‏{‏وجادلوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ‏}‏ يزيلوا ‏{‏بِهِ الحق فَأَخَذْتُهُمْ‏}‏ بالعقاب ‏{‏فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ‏}‏ لهم‏:‏ أي هو واقع موقعه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏وكذلك حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ‏}‏ أي ‏{‏لأملأنّ جَهنم‏}‏ ‏[‏119‏:‏ 11‏]‏ الآية ‏{‏عَلَى الذين كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أصحاب النار‏}‏ بدل من كلمةُ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏الذين يَحْمِلُونَ العرش‏}‏ مبتدأ ‏{‏وَمَنْ حَوْلَهُ‏}‏ عطف عليه ‏{‏يُسَبِّحُونَ‏}‏ خبره ‏{‏بِحَمْدِ رَبّهِمْ‏}‏ ملابسين للحمد، أي يقولون‏:‏ سبحان الله وبحمده ‏{‏وَيُؤْمِنُونَ بِهِ‏}‏ تعالى ببصائرهم أي يصدقون بوحدانيته ‏{‏وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ‏}‏ يقولون ‏{‏رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَئ رَّحْمَةً وَعِلْماً‏}‏ أي وسعت رحمتُك كلَّ شيء وعلمُك كلَّ شيء ‏{‏فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ‏}‏ من الشرك ‏{‏واتبعوا سَبِيلَكَ‏}‏ دين الإِسلام ‏{‏وَقِهِمْ عَذَابَ الجحيم‏}‏ النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جنات عَدْنٍ‏}‏ إقامة ‏{‏التى وَعَدْتَّهُمْ وَمَن صَلَحَ‏}‏ عطف على «هم» في وأدخلهم أو في وعدتهم ‏{‏مِنْ ءَابَائِهِمْ وأزواجهم وذرياتهم إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم‏}‏ في صنعه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏وَقِهِمُ السيئات‏}‏ أي عذابها ‏{‏وَمَن تَقِ السيئات يَوْمَئِذٍ‏}‏ يوم القيامة ‏{‏فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الفوز العظيم‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ‏}‏ من قبل الملائكة وهم يمقتون أنفسهم عند دخولهم النار ‏{‏لَمَقْتُ الله‏}‏ إياكم ‏{‏أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ‏}‏ في الدنيا ‏{‏إِلَى الإيمان فَتَكْفُرُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين‏}‏ إماتتين ‏{‏وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين‏}‏ إحياءتين لأنهم نطف أموات فأحيوا ثم أميتوا ثم أحيوا للبعث ‏{‏فاعترفنا بِذُنُوبِنَا‏}‏ بكفرنا بالبعث ‏{‏فَهَلْ إلى خُرُوجٍ‏}‏ من النار والرجوع إلى الدنيا لنطيع ربنا ‏{‏مِّن سَبِيلٍ‏}‏ طريق‏؟‏ وجوابهم‏:‏ لا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏ذلكم‏}‏ أي العذاب الذي أنتم فيه ‏{‏بِأَنَّهُ‏}‏ أي بسبب أنه في الدنيا ‏{‏إِذَا دُعِىَ الله وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ‏}‏ بتوحيده ‏{‏وَإِن يُشْرَكْ بِهِ‏}‏ يجعل له شريك ‏{‏تُؤْمِنُواْ‏}‏ تصدّقوا بالإِشراك ‏{‏فالحكم‏}‏ في تعذيبكم ‏{‏للَّهِ العلى‏}‏ على خلقه ‏{‏الكبير‏}‏ العظيم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آَيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏هُوَ الذى يُرِيكُمْ ءاياته‏}‏ دلائل توحيده ‏{‏وَيُنَزِّلُ لَكُم مّنَ السماء رِزْقاً‏}‏ بالمطر ‏{‏وَمَا يَتَذَكَّرُ‏}‏ يتعظ ‏{‏إِلاَّ مَن يُنِيبُ‏}‏ يرجع عن الشرك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏فادعوا الله‏}‏ اعبدوه ‏{‏مُخْلِصِينَ لَهُ الدين‏}‏ من الشرك ‏{‏وَلَوْ كَرِهَ الكافرون‏}‏ إخلاصكم منه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏رَفِيعُ الدرجات‏}‏ أي الله عظيم الصفات، أو رافع درجات المؤمنين في الجنة ‏{‏ذُو العرش‏}‏ خالقه ‏{‏يُلْقِى الروح‏}‏ الوحي ‏{‏مِنْ أَمْرِهِ‏}‏ أي قوله ‏{‏على مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ‏}‏ يُخَوِّف الملقى عليه الناس ‏{‏يَوْمَ التلاق‏}‏ بحذف الياء وإثباتها يوم القيامة لتلاقي أهل السماء والأرض، والعابد والمعبود، والظالم والمظلوم فيه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ هُم بارزون‏}‏ خارجون من قبورهم ‏{‏لاَ يخفى عَلَى الله مِنْهُمْ شَئ لّمَنِ الملك اليوم‏}‏ يقوله تعالى‏:‏ ويجيب نفسه ‏{‏للَّهِ الواحد الْقَهَّارِ‏}‏ أي لخالقه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ اليوم إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب‏}‏ يحاسب جميع الخلق في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأزفة‏}‏ يوم القيامة من أزف الرحيل قرب ‏{‏إِذِ القلوب‏}‏ ترتفع خوفاً ‏{‏لدى‏}‏ عند ‏{‏الحناجر كاظمين‏}‏ ممتلئين غمّاً حال من القلوب عوملت بالجمع بالياء والنون معاملة أصحابها ‏{‏مَا للظالمين مِنْ حَمِيمٍ‏}‏ محبّ ‏{‏وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ‏}‏ لا مفهوم للوصف إذ لا شفيع لهم أصلاً «فما لنا من شافعين» أو‏:‏ له مفهوم بناء على زعمهم أنّ لهم شفعاء، أي لو شفعوا فرضاً لم يقبلوا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏يَعْلَمْ‏}‏ أي الله ‏{‏خَائِنَةَ الأعين‏}‏ بمسارقتها النظر إلى مُحرَّم ‏{‏وَمَا تُخْفِى الصدور‏}‏ القلوب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏والله يَقْضِى بالحق والذين يَدْعُونَ‏}‏ يعبدون أي كفار مكة بالياء والتاء ‏{‏مِن دُونِهِ‏}‏ وهم الأصنام ‏{‏لاَ يَقْضُونَ بِشَئ‏}‏ فكيف يكونون شركاء الله ‏{‏إِنَّ الله هُوَ السميع‏}‏ لأقوالهم ‏{‏البصير‏}‏ بأفعالهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏أَوَلَمْ يَسِيروُاْ فِى الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ‏}‏ وفي قراءة منكم ‏{‏قُوَّةً وَءَاثَاراً فِى الأرض‏}‏ من مصانع وقصور ‏{‏فَأَخَذَهُمُ الله‏}‏ أهلكهم ‏{‏بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مّنَ الله مِن وَاقٍ‏}‏ عذابه‏؟‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات‏}‏ بالمعجزات الظاهرات ‏{‏فَكَفَرُواْ فَأَخَذَهُمُ الله إِنَّهُ قَوِىٌّ شَدِيدُ العقاب‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بآياتنا وسلطان مُّبِينٍ‏}‏ برهان بيّن ظاهر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏إلى فِرْعَوْنَ وهامان وقارون فَقَالُواْ‏}‏ هو ‏{‏ساحر كَذَّابٌ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏فَلَمَّا جَاءَهُمْ بالحق‏}‏ بالصدق ‏{‏مِنْ عِندِنَا قَالُواْ اقتلوا أَبْنَاءَ الذين ءَامَنُواْ مَعَهُ واستحيوا‏}‏ استبقوا ‏{‏نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الكافرين إِلاَّ فِى ضلال‏}‏ هلاك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِى أَقْتُلْ موسى‏}‏ لأنهم كانوا يكفونه عن قتله ‏{‏وَلْيَدْعُ رَبَّهُ‏}‏ ليمنعه مني ‏{‏إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُمْ‏}‏ من عبادتكم إياي فتتبعونه ‏{‏أَوأَن يُظْهِرَ فِى الأرض الفساد‏}‏ من قتل وغيره، وفي قراءة‏:‏ وأن، وفي أخرى بفتح الياء والهاء وضم الدال‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ‏(‏27‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ مُوسَى‏}‏ لقومه وقد سمع ذلك ‏{‏إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبِّكُمْ مّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الحساب‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءَالِ فِرْعَوْنَ‏}‏ قيل‏:‏ هو ابن عمه ‏{‏يَكْتُمُ إيمانه أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن‏}‏ أي لأن ‏{‏يَقُولَ رَبّىَ الله وَقَدْ جَاءَكُمْ بالبينات‏}‏ بالمعجزات الظاهرات ‏{‏مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كاذبا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ‏}‏ أي ضرر كذبه ‏{‏وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الذى يَعِدُكُمْ‏}‏ به من العذاب عاجلاً ‏{‏إِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ‏}‏ مشرك ‏{‏كَذَّابٌ‏}‏ مفتر‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏ياقوم لَكُمُ الملك اليوم ظاهرين‏}‏ غالبين حال ‏{‏فِى الأرض‏}‏ أرض مصر ‏{‏فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله‏}‏ عذابه إن قتلتم أولياءه ‏{‏إِن جَاءنَا‏}‏ أي لا ناصر لنا ‏{‏قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أرى‏}‏ أي ما أشير عليكم إلا بما أشير به على نفسي وهو قتل موسى ‏{‏وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرشاد‏}‏ طريق الصواب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏30‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ ‏(‏30‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الذى ءَامَنَ ياقوم إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ مّثْلَ يَوْمِ الأحزاب‏}‏ أي يوم حزب بعد حزب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏31‏]‏

‏{‏مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ‏(‏31‏)‏‏}‏

‏{‏مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ والذين مِن بَعْدِهِمْ‏}‏ مثل بدل من مثل قبله، أي مثل جزاء عادة من كفر قبلكم من تعذيبهم في الدنيا ‏{‏وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعِبَادِ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏32‏]‏

‏{‏وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ‏(‏32‏)‏‏}‏

‏{‏وياقوم إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التناد‏}‏ بحذف الياء وإثباتها أي يوم القيامة يكثر فيه نداء أصحاب الجنة أصحاب النار وبالعكس، والنداء بالسعادة لأهلها وبالشقاوة لأهلها وغير ذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏33‏]‏

‏{‏يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ‏(‏33‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ‏}‏ عن موقف الحساب إلى النار ‏{‏مَا لَكُمْ مّنَ الله‏}‏ أي من عذابه ‏{‏مِنْ عَاصِمٍ‏}‏ مانع ‏{‏وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏34‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ‏(‏34‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ‏}‏ أي من قبل موسى وهو يوسف بن يعقوب في قول عمَّر إلى زمن موسى، أو يوسف بن إبراهيم بن يعقوب في قول ‏{‏بالبينات‏}‏ بالمعجزات الظاهرات ‏{‏فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حتى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ‏}‏ من غير برهان ‏{‏لَن يَبْعَثَ الله مِن بَعْدِهِ رَسُولاً‏}‏ أي فلن تزالوا كافرين بيوسف وغيره ‏{‏كذلك‏}‏ أي مثل إضلالكم ‏{‏يُضِلُّ الله مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ‏}‏ مشرك ‏{‏مُّرْتَابٌ‏}‏ شاك فيما شهدت به البينات‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏35‏]‏

‏{‏الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ‏(‏35‏)‏‏}‏

‏{‏الذين يجادلون فِى ءايات الله‏}‏ معجزاته مبتدأ ‏{‏بِغَيْرِ سلطان‏}‏ برهان ‏{‏أتاهم كَبُرَ‏}‏ جدالهم خبر المبتدأ ‏{‏مَقْتاً عِندَ الله وَعِندَ الذين ءَامَنُواْ كَذَلِكَ‏}‏ أي مثل إضلالهم ‏{‏يَطْبَعُ‏}‏ يختم ‏{‏الله‏}‏ بالضلال ‏{‏على كُلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبَّارٍ‏}‏ بتنوين «قلْب» ودونه، ومتى تكبَّر القلب تكبَّر صاحبه وبالعكس وكلِّ على القراءتين لعموم الضلال جميع القلوب لا لعموم القلب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏36‏]‏

‏{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ‏(‏36‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ فِرْعَوْنُ ياهامان ابن لِى صَرْحاً‏}‏ بناء عالياً ‏{‏لَّعَلِّى أَبْلُغُ الأسباب‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏37‏]‏

‏{‏أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ ‏(‏37‏)‏‏}‏

‏{‏أسباب السموات‏}‏ طرقها الموصلة إليها ‏{‏فَأَطَّلِعَ‏}‏ بالرفع عطفاً على «أبلغُ» وبالنصب جواباً لابن ‏{‏إلى إله موسى وَإِنّى لأَظُنُّهُ‏}‏ أي موسى ‏{‏كاذبا‏}‏ في أن له إلهاً غيري قال فرعون ذلك تمويهاً ‏{‏وكذلك زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السبيل‏}‏ طريق الهدى بفتح الصاد وضمها ‏{‏وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِى تَبَابٍ‏}‏ خسار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏38‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ ‏(‏38‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الذى ءَامَنَ ياقوم اتبعون‏}‏ بإثبات الياء وحذفها ‏{‏أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرشاد‏}‏ تقدم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏39‏]‏

‏{‏يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ‏(‏39‏)‏‏}‏

‏{‏ياقوم إِنَّمَا هذه الحياة الدنيا متاع‏}‏ تمتع يزول ‏{‏وَإِنَّ الأخرة هِىَ دَارُ القرار‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏40‏]‏

‏{‏مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ‏(‏40‏)‏‏}‏

‏{‏مَنْ عَمِلَ سَيّئَةً فَلاَ يجزى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صالحا مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فأولئك يَدْخُلُونَ الجنة‏}‏ بضم الياء وفتح الخاء وبالعكس ‏{‏يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ‏}‏ رزقاً واسعاً بغير تبعة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏41‏]‏

‏{‏وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ ‏(‏41‏)‏‏}‏

‏{‏وياقوم مَا لِى أَدْعُوكُمْ إِلَى النجاة وَتَدْعُونَنِى إِلَى النار‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏42‏]‏

‏{‏تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ ‏(‏42‏)‏‏}‏

‏{‏تَدْعُونَنِى لأَكْفُرَ بالله وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى العزيز‏}‏ الغالب على أمره ‏{‏الغفار‏}‏ لمن تاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏43‏]‏

‏{‏لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ‏(‏43‏)‏‏}‏

‏{‏لاَ جَرَمَ‏}‏ حقاً ‏{‏أَنَّمَا تَدْعُونَنِى إِلَيْهِ‏}‏ لأعبده ‏{‏لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ‏}‏ أي استجابة دعوة ‏{‏فِى الدنيا وَلاَ فِى الأخرة وَأَنَّ مَرَدَّنَا‏}‏ مرجعنا ‏{‏إِلَى الله وَأَنَّ المسرفين‏}‏ الكافرين ‏{‏هُمْ أصحاب النار‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏44‏]‏

‏{‏فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ‏(‏44‏)‏‏}‏

‏{‏فَسَتَذْكُرُونَ‏}‏ إذا عاينتم العذاب ‏{‏مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِى إِلَى الله إِنَّ الله بَصِيرٌ بالعباد‏}‏ قال ذلك لما توعّدوه بمخالفتة دينهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏45‏]‏

‏{‏فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ ‏(‏45‏)‏‏}‏

‏{‏فوقاه الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ‏}‏ به من القتل ‏{‏وَحَاقَ‏}‏ نزل ‏{‏بئَالِ فِرْعَوْنَ‏}‏ قومه معه ‏{‏سُوءُ العذاب‏}‏ الغرق‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏46‏]‏

‏{‏النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ‏(‏46‏)‏‏}‏

ثم ‏{‏النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا‏}‏ يحرقون بها ‏{‏غُدُوّاً وَعَشِيّاً‏}‏ صباحاً ومساء ‏{‏وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة‏}‏ يقال ‏{‏أَدْخِلُواْ‏}‏ يا ‏{‏ءَالَ فِرْعَوْنَ‏}‏ وفي قراءة بفتح الهمزة وكسر الخاء أمرٌ للملائكة ‏{‏أَشَدَّ العذاب‏}‏ عذاب جهنم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏47‏]‏

‏{‏وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ ‏(‏47‏)‏‏}‏

‏{‏وَ‏}‏ اذكر ‏{‏إِذْ يَتَحَاجُّونَ‏}‏ يتخاصم الكفار ‏{‏فِى النار فَيَقُولُ الضعفاء لِلَّذِينَ استكبروا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً‏}‏ جمع تابع ‏{‏فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ‏}‏ دافعون ‏{‏عَنَّا نَصِيباً‏}‏ جُزْءاً ‏{‏مِنَ النار‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏48‏]‏

‏{‏قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ ‏(‏48‏)‏‏}‏

‏{‏قَالَ الذين استكبروا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ الله قَدْ حَكَمَ بَيْنَ العباد‏}‏ فأدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏49‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ ‏(‏49‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الذين فِى النار لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادعوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً‏}‏ أي قدر يوم ‏{‏مِّنَ العذاب‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏50‏]‏

‏{‏قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ ‏(‏50‏)‏‏}‏

‏{‏قَالُواْ‏}‏ أي الخزنة تهكما ‏{‏أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بالبينات‏}‏ بالمعجزات الظاهرات ‏{‏قَالُواْ بلى‏}‏ أي فكفروا بهم ‏{‏قَالُواْ فادعوا‏}‏ أنتم فإنا لا نشفع للكافرين‏.‏ قال تعالى ‏{‏وَمَا دُعَاءُ الكافرين إِلاَّ فِى ضلال‏}‏ انعدام‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏51‏]‏

‏{‏إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ ‏(‏51‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين ءامَنُواْ فِى الحياة الدنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد‏}‏ جمع شاهد، وهم الملائكة يشهدون للرسل بالبلاغ وعلى الكفار بالتكذيب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏52‏]‏

‏{‏يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ‏(‏52‏)‏‏}‏

‏{‏يَوْمَ لاَ يَنفَعُ‏}‏ بالياء والتاء ‏{‏الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ‏}‏ عذرهم لو اعتذروا ‏{‏وَلَهُمُ اللعنة‏}‏ أي البعد من الرحمة ‏{‏وَلَهُمْ سُوءُ الدار‏}‏ الآخرة أي شدّة عذابها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏53‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ ‏(‏53‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الهدى‏}‏ التوراة والمعجزات ‏{‏وَأَوْرَثْنَا بَنِى إسراءيل‏}‏ من بعد موسى ‏{‏الكتاب‏}‏ التوراة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏54‏]‏

‏{‏هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ‏(‏54‏)‏‏}‏

‏{‏هُدًى‏}‏ هادياً ‏{‏وذكرى لأُوْلِى الألباب‏}‏ تذكرة لأصحاب العقول‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏55‏]‏

‏{‏فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ ‏(‏55‏)‏‏}‏

‏{‏فاصبر‏}‏ يا محمد ‏{‏إِنَّ وَعْدَ الله‏}‏ بنصر أوليائه ‏{‏حَقٌّ‏}‏ وأنت ومن تبعك منهم ‏{‏واستغفر لِذَنبِكَ‏}‏ ليستنّ بك ‏{‏وَسَبّحْ‏}‏ صلّ متلبسا ‏{‏بِحَمْدِ رَبّكَ بالعشى‏}‏ وهو من بعد الزوال ‏{‏والإبكار‏}‏ الصلوات الخمس‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏56‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ‏(‏56‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ الذين يجادلون فِى ءايات الله‏}‏ القرآن ‏{‏بِغَيْرِ سلطان‏}‏ برهان ‏{‏أتاهم إِن‏}‏ ما ‏{‏فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ‏}‏ تكبّر وطمع أن يعلوا عليك ‏{‏مَّا هُم ببالغيه فاستعذ‏}‏ من شرهم ‏{‏بالله إِنَّهُ هُوَ السميع‏}‏ لأقوالهم ‏{‏البصير‏}‏ بأحوالهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏57‏]‏

‏{‏لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ‏(‏57‏)‏‏}‏

ونزل في منكري البعث ‏{‏لَخَلْقُ السموات والأرض‏}‏ ابتداء ‏{‏أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس‏}‏ مرة ثانية وهي الإِعادة ‏{‏ولكن أَكْثَرَ الناس‏}‏ أي كفار مكة ‏{‏لاَّ يَعْلَمُونَ‏}‏ ذلك فهم كالأعمى ومن يعلمه كالبصير‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏58‏]‏

‏{‏وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلَا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ ‏(‏58‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا يَسْتَوِى الأعمى والبصير‏}‏ لا ‏{‏الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات‏}‏ وهو المحسن ‏{‏وَلاَ المسئ‏}‏ فيه زيادة لا ‏{‏قَلِيلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ‏}‏ يتعظون بالياء والتاء، أي تذكرهم قليل جدّاً‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏59‏]‏

‏{‏إِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ‏(‏59‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ الساعة لأَتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ‏}‏ شك ‏{‏فِيهَا ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ‏}‏ بها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏60‏]‏

‏{‏وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ‏(‏60‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏}‏ أي اعبدوني أثبْكم بقرينة ما بعده ‏{‏إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ‏}‏ بفتح الياء وضم الخاء وبالعكس ‏{‏جَهَنَّمَ داخرين‏}‏ صاغرين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏61‏]‏

‏{‏اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ‏(‏61‏)‏‏}‏

‏{‏الله الذى جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِراً‏}‏ إسناد الإِبصار إليه مجازيّ لأنه يبصر فيه ‏{‏إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَشْكُرُونَ‏}‏ الله فلا يؤمنون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏62‏]‏

‏{‏ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ‏(‏62‏)‏‏}‏

‏{‏ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ خالق كُلِّ شَئ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ فأنى تُؤْفَكُونَ‏}‏‏؟‏ فكيف تصرفون عن الإِيمان مع قيام البرهان‏؟‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏63‏]‏

‏{‏كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ‏(‏63‏)‏‏}‏

‏{‏كَذَلِكَ يُؤْفَكُ‏}‏ أي مثل إفك هؤلاء إفك ‏{‏الذين كَانُواْ بئايات الله‏}‏ معجزاته ‏{‏يَجْحَدُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏64‏]‏

‏{‏اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ‏(‏64‏)‏‏}‏

‏{‏الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً والسماء بِنَاءً‏}‏ سقفاً ‏{‏وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مّنَ الطيبات ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ فتبارك الله رَبُّ العالمين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏65‏]‏

‏{‏هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ‏(‏65‏)‏‏}‏

‏{‏هُوَ الحى لاَ إله إِلاَّ هُوَ فادعوه‏}‏ اعبدوه ‏{‏مُخْلِصِينَ لَهُ الدين‏}‏ من الشرك ‏{‏الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏66‏]‏

‏{‏قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ‏(‏66‏)‏‏}‏

‏{‏قُلْ إِنّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ‏}‏ تعبدون ‏{‏مِن دُونِ الله لَمَّا جَاءنِى البينات‏}‏ دلائل التوحيد ‏{‏مِن رَّبّى وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبّ العالمين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏67‏]‏

‏{‏هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ‏(‏67‏)‏‏}‏

‏{‏هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ‏}‏ بخلق أبيكم آدم منه ‏{‏ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ‏}‏ منيِّ ‏{‏ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ‏}‏ دم غليظ ‏{‏ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً‏}‏ بمعنى أطفالاً ‏{‏ثُمَّ‏}‏ يبقيكم ‏{‏لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ‏}‏ تكامل قوّتكم من الثلاثين سنة إلى الأربعين ‏{‏ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً‏}‏ بضم الشين وكسرها ‏{‏وَمِنكُمْ مَّن يتوفى مِن قَبْلُ‏}‏ أي قبل الأشدّ والشيخوخة، فعل ذلك بكم لتعيشوا ‏{‏وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى‏}‏ وقتاً محدوداً ‏{‏وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏}‏ دلائل التوحيد فتؤمنون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏68‏]‏

‏{‏هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ‏(‏68‏)‏‏}‏

‏{‏هُوَ الذى يُحْي وَيُمِيتُ فَإِذَا قضى أَمْراً‏}‏ أراد إيجادَ شيء ‏{‏فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏}‏ بضم النون وفتحها بتقدير أن أي يوجد عقب الإرادة التي هي معنى القول المذكور‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏69‏]‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ‏(‏69‏)‏‏}‏

‏{‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يجادلون فِى ءايات الله‏}‏ القرآن ‏{‏أَنَّى‏}‏ كيف ‏{‏يُصْرَفُونَ‏}‏ عن الإِيمان‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏70‏]‏

‏{‏الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ‏(‏70‏)‏‏}‏

‏{‏الذين كَذَّبُواْ بالكتاب‏}‏ القرآن ‏{‏وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا‏}‏ من التوحيد والبعث وهم كفار مكة ‏{‏فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ‏}‏ عقوبة تكذيبهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏71‏]‏

‏{‏إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ ‏(‏71‏)‏‏}‏

‏{‏إِذِ الأغلال فِى أعناقهم‏}‏ إذ بمعنى إذا ‏{‏والسلاسل‏}‏ عطف على الأغلال فتكون في الأعناق، أو مبتدأ خبره محذوف أي في أرجلهم أو خبره ‏{‏يُسْحَبُونَ‏}‏ أي يجرّون بها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏72‏]‏

‏{‏فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ‏(‏72‏)‏‏}‏

‏{‏فِى الحميم‏}‏ أي جهنم ‏{‏ثُمَّ فِى النار يُسْجَرُونَ‏}‏ يوقدون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏73‏]‏

‏{‏ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ ‏(‏73‏)‏‏}‏

‏{‏ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ‏}‏ تبكيتاً ‏{‏أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏74‏]‏

‏{‏مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ ‏(‏74‏)‏‏}‏

‏{‏مِن دُونِ الله‏}‏ معه‏؟‏ وهي الأصنام ‏{‏قَالُواْ ضَلُّواْ‏}‏ غابوا ‏{‏عَنَّا‏}‏ فلا نراهم ‏{‏بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً‏}‏ أنكروا عبادتهم إياها ثم أحضرت قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ‏}‏ ‏[‏98‏:‏ 21‏]‏ أي وقودها ‏{‏كذلك‏}‏ أي مثل إضلال هؤلاء المكذبين ‏{‏يُضِلُّ الله الكافرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏75‏]‏

‏{‏ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ ‏(‏75‏)‏‏}‏

ويقال لهم أيضاً‏:‏ ‏{‏ذلكم‏}‏ العذاب ‏{‏بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى الأرض بِغَيْرِ الحق‏}‏ من الإِشراك وإنكار البعث ‏{‏وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ‏}‏ تتوسعون في الفرح‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏76‏]‏

‏{‏ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ‏(‏76‏)‏‏}‏

‏{‏ادخلوا أبواب جَهَنَّمَ خالدين فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى‏}‏ مأوى ‏{‏المتكبرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏77‏]‏

‏{‏فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ ‏(‏77‏)‏‏}‏

‏{‏فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله‏}‏ بعذابهم ‏{‏حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ‏}‏ فيه إن الشرطية مدغمة، وما زائدة تؤكد معنى الشرط أوّل الفعل والنون تؤكد آخره ‏{‏بَعْضَ الذى نَعِدُهُمْ‏}‏ به من العذاب في حياتك وجواب الشرط محذوف أي فذاك ‏{‏أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ‏}‏ قبل تعذيبهم ‏{‏فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ‏}‏ فنعذبهم أشدّ العذاب، فالجواب المذكور للمعطوف فقط‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏78‏]‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ‏(‏78‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ‏}‏ روي أنه تعالى بعث ثمانية آلاف نبيّ‏:‏ أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس ‏{‏وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ‏}‏ منهم ‏{‏أَن يَأْتِيَ بِئَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله‏}‏ لأنهم عبيد مربوبون ‏{‏فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ الله‏}‏ بنزول العذاب على الكفار ‏{‏قُضِىَ‏}‏ بين الرسل وَمُكَذِّبِيها ‏{‏بالحق وَخَسِرَ هُنَالِكَ المبطلون‏}‏ أي ظهر القضاء والخسران للناس وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏79‏]‏

‏{‏اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ‏(‏79‏)‏‏}‏

‏{‏الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الأنعام‏}‏ قيل الإِبل خاصة هنا والظاهر والبقر والغنم ‏{‏لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏80‏]‏

‏{‏وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ‏(‏80‏)‏‏}‏

‏{‏وَلَكُمْ فيِهَا منافع‏}‏ من الدرّ والنسل والوبر الصوف ‏{‏وَلِتَبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ‏}‏ هي حمل الأثقال إلى البلاد ‏{‏وَعَلَيْهَا‏}‏ في البرّ ‏{‏وَعَلَى الفلك‏}‏ السفن في البحر ‏{‏تُحْمَلُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏81‏]‏

‏{‏وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَأَيَّ آَيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ ‏(‏81‏)‏‏}‏

‏{‏وَيُرِيكُمْ ءاياته فَأَىَّ ءايات الله‏}‏ الدالة على وحدانيته ‏{‏تُنكِرُونَ‏}‏ استفهام توبيخ، وتذكير أيّ أشهر من تأنيثه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏82‏]‏

‏{‏أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ‏(‏82‏)‏‏}‏

‏{‏أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَءاثَاراً فِى الأرض‏}‏ من مصانع وقصور ‏{‏فَمَآ أغنى عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏83‏]‏

‏{‏فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ‏(‏83‏)‏‏}‏

‏{‏فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات‏}‏ المعجزات الظاهرات ‏{‏فَرِحُواْ‏}‏ أي الكفار ‏{‏بِمَا عِندَهُمْ‏}‏ أي الرسل ‏{‏مّن العلم‏}‏ فرح استهزاء وضحك منكرين له ‏{‏وَحَاقَ‏}‏ نزل ‏{‏بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ‏}‏ أي العذاب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏84‏]‏

‏{‏فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ‏(‏84‏)‏‏}‏

‏{‏فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا‏}‏ أي شدّة عذابنا ‏{‏قَالُواْ ءامَنَّا بالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏85‏]‏

‏{‏فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ‏(‏85‏)‏‏}‏

‏{‏فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمانهم لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ الله‏}‏ نصبه على المصدر بفعل مُقَدِّر من لفظه ‏{‏التى قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ‏}‏ في الأمم أن لا ينفعهم الإِيمان وقت نزول العذاب ‏{‏وَخَسِرَ هُنَالِكَ الكافرون‏}‏ تبين خسرانهم لكل أحد وهم خاسرون في كل وقت قبل ذلك‏.‏

سورة فصلت

تفسير الآية رقم ‏[‏1‏]‏

‏{‏حم ‏(‏1‏)‏‏}‏

‏{‏حم‏}‏ الله أعلم بمراده به‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏2‏]‏

‏{‏تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ‏(‏2‏)‏‏}‏

‏{‏تَنزِيلٌ مّنَ الرحمن الرحيم‏}‏ مبتدأ‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏3‏]‏

‏{‏كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ‏(‏3‏)‏‏}‏

‏{‏كتاب‏}‏ خبره ‏{‏فُصّلَتْ ءاياته‏}‏ بينت بالأحكام والقصص والمواعظ ‏{‏قُرْءَاناً عَرَبِيّاً‏}‏ حال من كتاب بصفته ‏{‏لِقَوْمٍ‏}‏ متعلق بفصلت ‏{‏يَعْلَمُونَ‏}‏ يفهمون ذلك، وهم العرب‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏4‏]‏

‏{‏بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ‏(‏4‏)‏‏}‏

‏{‏بَشِيراً‏}‏ صفة قرآناً ‏{‏وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ‏}‏ سماع قبول‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏5‏]‏

‏{‏وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ ‏(‏5‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالُواْ‏}‏ للنبيّ ‏{‏قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ‏}‏ أغطية ‏{‏مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِى ءَاذانِنَا وَقْرٌ‏}‏ ثقل ‏{‏وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ‏}‏ خلاف في الدين ‏{‏فاعمل‏}‏ على دينك ‏{‏إِنَّنَا عاملون‏}‏ على ديننا‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏6‏]‏

‏{‏قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ‏(‏6‏)‏‏}‏

‏{‏قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يوحى إِلَىَّ أَنَّمَا إلهكم إله واحد فاستقيموا إِلَيْهِ‏}‏ بالإِيمان والطاعة ‏{‏واستغفروه وَوَيْلٌ‏}‏ كلمة عذاب ‏{‏لّلْمُشْرِكِينَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏7‏]‏

‏{‏الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ‏(‏7‏)‏‏}‏

‏{‏الذين لاَ يُؤْتُونَ الزكواة وَهُمْ بالأخرة هُمْ‏}‏ تأكيد ‏{‏كافرون‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏8‏]‏

‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ‏(‏8‏)‏‏}‏

‏{‏إِنَّ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ‏}‏ مقطوع‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏9‏]‏

‏{‏قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ‏(‏9‏)‏‏}‏

‏{‏قُلْ أَئِنَّكُمْ‏}‏ بتحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها وإدخال ألف بينهما بوجهيها وبين الأولى ‏{‏لَتَكْفُرُونَ بالذى خَلَقَ الأرض فِى يَوْمَيْنِ‏}‏ الأحد والاثنين ‏{‏وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً‏}‏ شركاء ‏{‏ذَلِكَ رَبُّ‏}‏ مالك ‏{‏العالمين‏}‏ جمع عالم وهو ما سوى الله وجمع لاختلاف أنواعه بالياء والنون تغليباً للعقلاء‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏10‏]‏

‏{‏وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ‏(‏10‏)‏‏}‏

‏{‏وَجَعَلَ‏}‏ مستأنف ولا يجوز عطفه على صلة الذي للفاصل الأجنبي ‏{‏فِيهَا رَوَاسِىَ‏}‏ جبالاً ثوابت ‏{‏مِن فَوْقِهَا وبارك فِيهَا‏}‏ بكثرة المياه والزروع والضروع ‏{‏وَقَدَّرَ‏}‏ قسَّم ‏{‏فِيهَا أقواتها‏}‏ للناس والبهائم ‏{‏فِى‏}‏ تمام ‏{‏أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ‏}‏ أي الجعل وما ذكر معه في يوم الثلاثاء والأربعاء ‏{‏سَوَآءً‏}‏ منصوب على المصدر، أي استوت الأربعة استواء لا تزيد ولا تنقص ‏{‏لّلسَّائِلِينَ‏}‏ عن خلق الأرض بما فيها‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏11‏]‏

‏{‏ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ‏(‏11‏)‏‏}‏

‏{‏ثُمَّ استوى‏}‏ قصد ‏{‏إِلَى السماء وَهِىَ دُخَانٌ‏}‏ بخار مرتفع ‏{‏فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائتيا‏}‏ إلى مرادي منكما ‏{‏طَوْعاً أَوْ كَرْهاً‏}‏ في موضع الحال، أي طائعتين أو مكرهتين ‏{‏قَالَتَا أَتَيْنَا‏}‏ بمن فينا ‏{‏طَائِعِينَ‏}‏ فيه تغليب المذكر العاقل أو نزلتا لخطابهما منزلته‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏12‏]‏

‏{‏فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ‏(‏12‏)‏‏}‏

‏{‏فقضاهن‏}‏ الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجمع الآيلة إليه، أي صيَّرها ‏{‏سَبْعَ سموات فِى يَوْمَيْنِ‏}‏ الخميس والجمعة فرغ منها في آخر ساعة منه وفيه خلق آدم ولذلك لم يقل هنا سواء، ووافق ما هنا آيات خلق السموات والأرض في ستة أيام ‏{‏وأوحى فِى كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا‏}‏ الذي أمر به من فيها من الطاعة والعبادة ‏{‏وَزَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح‏}‏ بنجوم ‏{‏وَحِفْظاً‏}‏ منصوب بفعله المقدّر‏:‏ أي حفظناها من استراق الشياطين السمع بالشهب ‏{‏ذلك تَقْدِيرُ العزيز‏}‏ في ملكه ‏{‏العليم‏}‏ بخلقه‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏13‏]‏

‏{‏فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ‏(‏13‏)‏‏}‏

‏{‏فَإِنْ أَعْرَضُواْ‏}‏ أي كفار مكة عن الإِيمان بعد هذا البيان ‏{‏فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ‏}‏ خوَّفتكم ‏{‏صاعقة مّثْلَ صاعقة عَادٍ وَثَمُودَ‏}‏ أي عذاباً يهلككم مثل الذي أهلكهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏14‏]‏

‏{‏إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ‏(‏14‏)‏‏}‏

‏{‏إِذْ جَاءَتْهُمُ الرسل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ‏}‏ أي مقبلين عليهم ومدبرين عنهم فكفروا كما سيأتي، والإِهلاك في زمنه فقط ‏{‏أ‏}‏ ن أي بأن ‏{‏لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله قَالُواْ لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ‏}‏ علينا ‏{‏ملائكة فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ‏}‏ على زعمكم ‏{‏كافرون‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏15‏]‏

‏{‏فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ‏(‏15‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِى الأرض بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ‏}‏ لما خُوِّفوا بالعذاب ‏{‏مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً‏}‏ أي لا أحد، كان وأحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل يجعلها حيث يشاء ‏{‏أَوَ لَمْ يَرَوْاْ‏}‏ يعلموا ‏{‏أَنَّ الله الذى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بئاياتنا‏}‏ المعجزات ‏{‏يَجْحَدُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏16‏]‏

‏{‏فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ ‏(‏16‏)‏‏}‏

‏{‏فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً‏}‏ باردة شديدة الصوت بلا مطر ‏{‏فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ‏}‏ بكسر الحاء وسكونها مشؤومات عليهم ‏{‏لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الخزى‏}‏ الذلّ ‏{‏فِي الحياة الدنيا وَلَعَذَابُ الأخرة أخزى‏}‏ أشدّ ‏{‏وَهُمْ لاَ يُنصَرُونَ‏}‏ بمنعه عنهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏17‏]‏

‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ‏(‏17‏)‏‏}‏

‏{‏وَأَمَّا ثَمُودُ فهديناهم‏}‏ بيّنّا لهم طريق الهدى ‏{‏فاستحبوا العمى‏}‏ اختاروا الكفر ‏{‏عَلَى الهدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعقة العذاب الهون‏}‏ المهين ‏{‏بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏18‏]‏

‏{‏وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ‏(‏18‏)‏‏}‏

‏{‏وَنَجَّيْنَا‏}‏ منها ‏{‏الذين ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ‏}‏ الله‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏19‏]‏

‏{‏وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ‏(‏19‏)‏‏}‏

‏{‏وَ‏}‏ اذكر ‏{‏يَوْمَ يُحْشَرُ‏}‏ بالياء والنون المفتوحة وضم الشين وفتح همزة ‏{‏أَعْدَاءُ الله إِلَى النار فَهُمْ يُوزَعُونَ‏}‏ يساقون‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏20‏]‏

‏{‏حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ‏(‏20‏)‏‏}‏

‏{‏حتى إِذَا مَا‏}‏ زائدة ‏{‏جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأبصارهم وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏21‏]‏

‏{‏وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ‏(‏21‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا الله الذى أَنطَقَ كُلَّ شَئ‏}‏ أي أراد نطقه ‏{‏وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏}‏ قيل‏:‏ هو من كلام الجلود، وقيل‏:‏ هو من كلام الله تعالى كالذي بعده وموقعه قريب مما قبله بأن القادر على إنشائكم ابتداء وإعادتكم بعد الموت أحياء قادر على إنطاق جلودكم وأعضائكم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏22‏]‏

‏{‏وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ ‏(‏22‏)‏‏}‏

‏{‏وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ‏}‏ عن ارتكابكم الفواحش من ‏{‏أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أبصاركم وَلاَ جُلُودُكُمْ‏}‏ لأنكم لم توقنوا بالبعث ‏{‏ولكن ظَنَنتُمْ‏}‏ عند استتاركم ‏{‏أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏23‏]‏

‏{‏وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ ‏(‏23‏)‏‏}‏

‏{‏وَذَلِكُمْ‏}‏ مبتدأ ‏{‏ظَنُّكُمُ‏}‏ بدل منه ‏{‏الذى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ‏}‏ نعت البدل، والخبر ‏{‏أرداكم‏}‏ أي أهلككم ‏{‏فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ الخاسرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏24‏]‏

‏{‏فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ‏(‏24‏)‏‏}‏

‏{‏فَإِن يَصْبِرُواْ‏}‏ على العذاب ‏{‏فالنار مَثْوًى‏}‏ فنزل ‏{‏لَّهُمْ وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ‏}‏ يطلبوا العتبى، أي الرضا ‏{‏فَمَا هُم مِّنَ المعتبين‏}‏ المرضيين‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏25‏]‏

‏{‏وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ ‏(‏25‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَيَّضْنَا‏}‏ سببنا ‏{‏لَهُمْ قُرَنَاءَ‏}‏ من الشياطين ‏{‏فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ‏}‏ من أمر الدنيا واتباع الشهوات ‏{‏وَمَا خَلْفَهُمْ‏}‏ من أمر الآخرة بقولهم لا بعث ولا حساب ‏{‏وَحَقَّ عَلَيْهِمُ القول‏}‏ بالعذاب وهو ‏{‏لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ‏}‏ ‏[‏119‏:‏ 11‏]‏ الآية ‏{‏فِى‏}‏ جملة ‏{‏أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ‏}‏ هلكت ‏{‏مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ الجن والإنس إِنَّهُمْ كَانُواْ خاسرين‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏26‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ‏(‏26‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الذين كَفَرُواْ‏}‏ عند قراءة النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرءان والغوا فِيهِ‏}‏ ائتوا باللغط ونحوه وصيحوا في زمن قراءته ‏{‏لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ‏}‏ فيسكت عن القراءة‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏27‏]‏

‏{‏فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ ‏(‏27‏)‏‏}‏

قال الله تعالى فيهم‏:‏ ‏{‏فَلَنُذِيقَنَّ الذين كَفَرُواْ عَذَاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الذى كَانُواْ يَعْمَلُونَ‏}‏ أي أقبح جزاء عملهم‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏28‏]‏

‏{‏ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآَيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ‏(‏28‏)‏‏}‏

‏{‏ذلك‏}‏ العذاب الشديد وأسوأ الجزاء ‏{‏جَزَاءُ أَعْدَاءِ الله‏}‏ بتحقيق الهمزة الثانية وإبدالها واواً ‏{‏النار‏}‏ عطف بيان ل ‏(‏لجزاء‏)‏ المخبر به عن ذلك ‏{‏لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ‏}‏ أي إقامة لا انتقال منها ‏{‏جَزَاءَ‏}‏ منصوب على المصدر بفعله المقدّر ‏{‏بِمَا كَانُوا بئاياتنا‏}‏ القرآن ‏{‏يَجْحَدُونَ‏}‏‏.‏

تفسير الآية رقم ‏[‏29‏]‏

‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ ‏(‏29‏)‏‏}‏

‏{‏وَقَالَ الذين كَفَرُواْ‏}‏ في النار ‏{‏رَبَّنَا أَرِنَا الذين أضلانا مِنَ الجن والإنس‏}‏ أي إبليس وقابيل سنَّا الكفر والقتل ‏{‏نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا‏}‏ في النار ‏{‏لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين‏}‏ أي أشدّ عذاباً منا‏.‏